رابعة العدوية
· المولد و النشأة :
ولدت رابعة
العدوية عام ( 100هـ /717م ) في مدينة البصرة من أبوين فقيرين صالحين و كانت
ابنتهما الرابعة و هذا ما يفسر سبب تسميتها رابعة فهي البنت "الرابعة "
نشأت رابعة
في ظروف صعبة جدا خاصة عندما وجدت نفسها تخرج لتعمل لتعيل إخوتها بعدما توفي أبوها و هي في سن العاشرة و ما لبثت
أمه أن لحقت به فذاقت مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسبا العيش سوى
قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد انهار البصرة .
و لما حل
الجفاف هاجرت أخوات رابعة بينما أبت الهجرة معهن فتركنها وحيدة متشردة ؛حتى وجدها اللصوص ؛فأخذوها و باعوها
لتاجر ثري ذاقت تحت يده ذل الرق و العبودية .
· شخصية رابعة العدوية و أخلاقها :
اختلف
الكثيرون في تصوير حياة و شخصية العابدة رابعة العدوية فقد صورتها السينما في فلم
سينيمائي مصري في الجزء الأول من حياتها كفتاة لاهية تمرغت في حياة الغواية و
الخمر و الشهوات قبل ان تتجه إلى طاعة الله و عبادته ؛ في حين يقول البعض أن هذه
الصورة غير صحيحة و مشوهة فقد نشأت رابعة
في بيئة إسلامية صالحة و كان قلبها طاهرا متضرعا بكاءا مما هيأها لاستقبال
أنوار الحق فحفظت القرآن الكريم و تدبر
آياته فإذا مرت بآية فيها ذكر النار سقطت مغشيا عليها من الخوف و إذا مرت بآية
فيها تشويق إلى الجنة ركنت إليها و قرأت الحديث و تدارسته و
حافظت على الصلاة و هي في عمر الزهور ؛حيث
كانت تصلي الليل كله و تأنس في خلوتها بالله و تجد في ذلك لذة لا يجدها
الملوك و كانت تبكي في سجودها حتى يبتل موضع رأسها . و كانت تصوم معظم الأيام كما
كانت متواضعة منكسرة لله لا تزهو و لا يأخذها العجب و قد وقاها إيمانها و إخلاصها
الوقوع في شباك الشيطان او الترفع على العبادة بقربها من الله .
ان رابعة
العدوية تحررت و جعلت همها هو هم الآخرة و اعتزلت الخلق فأبت الزواج و عاشت طوال
حياتها عذراء برغم تقد أفاضل الرجال لخطبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبد و
رأت فيه بديلا عن الحياة مع الزوج و الولد
فبنت لنفسها مصلى منفرد ؛ و انقطعت في للعبادة و قصدت المساجد لسماع الفقه
. ثم وهبها الله العلم الرباني الذي لا يوجد في الكتب و لا يسمعه الناس من الوعاظ
و هو علم يهبه الله تعالى لأهل التقوى و اليقين فتنطق به ألسنتهم و لذلك جا في
الحديث : ( العلم علمان :علم في القلب و
ذلك العلم النافع ؛و علم على اللسان و ذلك حجة الله على ابن آدم )
· من آثارها :
ü لقد أثر عن رابعة الكثير من الشعر في الزهد و الشوق الى الله
؛منه :
أللزاد أبكي
؟ أم لطول مسافتي ؟ و زادي قليل
ما أراه مبلغي
فأين رجائي
فيك ؟ أين مخافتي ؟ أتحرقني
بالنار يا غاية المنى
ü و من أقوالها حينما يغلبها النوم :" يا نفس كم تنامين ؟ و
الى كم تقومين ؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها الا لصرخة يوم النشور "
ü و من كلامها : " محب الله لا يسكن أنينه و حنينه حتى يسكن
مع محبوبه "
ü و من وصاياها : "اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم "
ü و كان لها الكثير من الحكم البليغة ؛ حتى قال اين الجوزي :كانت
رابعة فطنه ؛ و من كلامها الدال على قوة فهفها قولها :" أستغفر الله من قلة
صدقي في قولي أستغفر الله "
· وفاتها :
خرجت رابعة من الحياة بعد أن بلغت الثمانين من عمرها ؛ و
قد ذاقت ما ذاقت من البلاء لكنها تمتعت بالأنس بالله و الفرح بطاعته ؛ و كانت ترى
أنه لا راحة للمؤمن إلا بعد الموت على الإيمان الذي لم يفارقها ذكره .و كانت
وفاتها سنة ( 180هـ/796م) و دفنت بالقدس و قبرها على جبل الطور .